حتى نفهم طبيعه الصراع الذي يدور في كواليس المشهد العالمي نجد نموذج للصراع الروسي الأمريكي على أوروبا, و هو صراع الغاز و الوقود ومن يتولى السيطرة علي السوق الاوروبي .....
قام الاتحاد الاوروبي باصدار قرار لخلط الوقود بالوقود الحيوي و (الوقود الحيوي مستخرج من الحبوب اجمالا كالذرة و القمح و ما شابه)
فسارعت روسيا لامداد أوروبا بالوقود الحيوي لكي تزيد نفوذها و توقف تفرد الامريكيين بقيادة العالم
و لكي توقف أمريكا النفوذ الروسي في السوق الاوروبية قطعت القمح عن مصر و كلنا يذكر مظاهرات الخبز في مصر و مساعدة سوريا لمصر بالقمح جراء الازمة التي كادت تطيح بمبارك
اي ان أمريكا كانت من الممكن ان تضحي بنظام مبارك مقابل وقف النفوذ الروسي في آوروبا في سبيل الصراع على الاسواق , و طبعا واشنطن لا تخشى نهائيا من خليفة مبارك كونها تمسك مصر إقتصادياً.
اي ان أمريكا كانت من الممكن ان تضحي بنظام مبارك مقابل وقف النفوذ الروسي في آوروبا في سبيل الصراع على الاسواق , و طبعا واشنطن لا تخشى نهائيا من خليفة مبارك كونها تمسك مصر إقتصادياً.
بدأت القصة منذ العام 1992 حيث تم إقرار إتفاقية كيوتو للحد من إنبعاث الغازات الى الجو و لمنع تفاقم الإحتباس الحراري، و في العام 1994 ألزم الإتحاد الأوروبي نفسه بهذه الإتفاقية و أصبح الغاز أهم من النفط !
و الغاز موجود في إيران و روسيا ، فهل ستسمح واشنطن بزيادة النفوذ الروسي في أوروبا و خصوصا بعد زوال حلف وارسو و بالتالي زوال سبب وجود الناتو.
في العام 1995 عقدت صفقة في قطر أدت الى إنقلاب الإبن على أبيه ، و جرى ترسيم الحدود مع إيران و بدأ إستخراج الغاز لتلبية الطلب الأوروبي ، فكان البدء بتسييل الغاز القطري كونه لا يمكن مدّ أنابيب من قطر الى أوروبا.
و خصص الغاز القطري للسوق الآوروبية لمنافسة الغاز الروسي ، و جاء هذا بعد أن قامت واشنطن بإشعال الشيشان و يوغسلافيا بوساطة الأفغان العرب.
في العام 1996 كان بوتين قد بدأ الامساك بزمام الإمور جراء الوضع في الشيشان و تأسست شركة غازبروم التي ستصبح هي الحاكم الفعلي لروسيا على غرار الشركات الأمريكية التي تحكم الولايات المتحدة.
و بالفعل اصبحت الشركة الروسية "غازبروم" الاكثر ربحية في العالم حيث احتلت المركز الاول في قائمة نشرتها مجلة "فوربس" الامريكية نظرا لنتائج عام 2011 من حيث الارباح (حيث حصلت الشركة على ايراد بلغ 44 مليار و459 مليون دولار)
واشنطن ادركت خريطة الغاز في المنطقة و هي في تركمانستان و أذربيجان و إيران ومصر ، إضافة للغاز الذي كانت تعلم بوجوده واشنطن فقط ، والذي يقع في ساحل البحر الأبيض المتوسط ما بين فلسطين و لبنان وقبرص.
أدركت واشنطن إن السيطرة على هذه المنابع تعني بقاء واشنطن قطبا أوحدا يدير العالم ، فهي قادرة على منافسة الغاز الروسي ، و كون الوصول إلى غاز أذربيجان و تركمانستان صعب كونهم في منطقة نفوذ روسي ، فإن الوصول لهم سهل في حال سيطرت واشنطن على غاز المتوسط و زودت آوروبا بالغاز و أصبحت موسكو عاجزة عن شراء الغاز من آسيا الوسطى ، التي سترغم على الدخول في النفق الأمريكي .
و لكن الحصول على الغاز في المتوسط يحتاج الى سلام في المنطقة ، و السلام في المنطقة وفق الشرعية الدولية سيكون بداية نهاية إسرائيل. هنا قررت واشنطن تقسيم الشرق الأوسط الى دول طائفية تديرها إسرائيل ، بحيث تتمكن من تصفية القضية الفلسطينية ..
و لكن قبل طرح مشروع الشرق الأوسط الجديد كانت هناك طريقة أسهل في نظر واشنطن وهي القضاء على المقاومة في لبنان فيمكن الوصول الى الغاز دون حل القضية الفلسطينية ، التي أصبحت عائقا أمام مستقبل واشنطن.
فكيف بدأت واشنطن بالعمل للسيطرة على هذه المنطقة ؟! علماً بأن الحل في وجهة نظر واشنطن هو إما تصفية القضية الفلسطينية أو القضاء على المقاومة في لبنان .
جاءت الحرب على لبنان في العام 1996 تحت إسم عناقيد الغضب للقضاء على حزب الله و المقاومة ، لفرض سلام مع لبنان يؤمن إمدادات الغاز، لكن فشل العدوان بل وأصبحت المقاومة مشروعة و ألزمت إسرائيل لأول مرة بتاريخها الإلتزام بتفاهم نيسان .
ثم جاء العام 2000 و هو عام النكسة الأمريكية ، حيث تحرر الجنوب اللبناني و بنفس العام وصل بوتين خصم الغرب الى السلطة في روسيا، على إثر وفاة يلتسن.
البدء بتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد:
- أدركت واشنطن أن الغاز القطري أصبح عاجزا عن المنافسة في السوق الآوروبية و أن النفوذ الروسي يزيد في أوروبا مع إزدياد الطلب ، و ليس ذلك فحسب بل بدأت موسكو تستعيد عافيتها بالإنتعاش الإقتصادي ، فقررت واشنطن التحرك
و كان الهجوم بالطائرات على مبنى التجارة العالمي في أمريكا هو مقدمة الهجوم الأمريكي كرد على هزيمة إسرائيل في لبنان ووصول بوتين الى السلطة وبدأ التقارب الصيني الروسي بعد توتر دام عقودا أبان الحرب الباردة و سقوط بعض معاقل واشنطن في أمريكيا الجنوبية.
و كانت البداية من إحتلال أفغانستان ، و طبعا الهدف هو قطع طرق الترانزيت عن الصين و محاصرتها و محاصرة روسيا من جهة ثانية و محاصرة إيران.
في العام 2002، عقدت واشنطن صفقة مع رجب طيب أردوغان وعبد الله غول اللذين إنقلبا على معلمهم أربكان ، و أسسا حزب العدالة و التنمية ليصبح عبد الله غول أول رئيس حكومة إسلامي في تركيا ، و كما كان الإنقلاب في قطر سببه الغاز كان الإنقلاب في تركيا سببه الغاز.
فمع ظهور حزب العدالة و التنمية أعلنت واشنطن عن خط غاز نابوكو، (و عند الأمريكيين حتى الإسم له معنى , فنابوكو إسم عمل موسيقي لفيردي يتكلم عن ما سمي سبي نبوخذ نصر لليهود في العراق) و بعدها بعام تم إحتلال العراق فعلاً.
لماذا نابوكو؟طبعا تدرك واشنطن أن الغاز في آسيا الوسطى محال أن يصلها ، و في إيران الحرب شبه مستحيلة ، و لكن روسيا لم تكن تدرك أن البحر المتوسط يحوي الغاز الذي تريده واشنطن .
فحين أعلنت واشنطن عن خط نابوكو كانت موسكو تعتقد أن هذا الخط ولد ميتا ، و لكن واشنطن كانت تخطط أولاً للحصول على الغاز من مصر وساحل المتوسط فلسطين ولبنان وقبرص ، و مع تقسيم و تدمير سوريا ستحصل حكما بلا حرب على الغاز الإيراني ، و بالتالي حكما لن تستطيع بعدها موسكو شراء الغاز الأذري ، فبذلك تفقد موسكو نفوذها في المتوسط وأوروبا و وسط آسيا دفعة واحدة ، و تكون واشنطن سيطرت على العالم للأبد.
نابوكو حلم أردوغان- نابوكو يجمع غاز المنطقة في تركيا ، ليصدر الى أوروبا دون المرور في اليونان ، فتتحول تركيا الى دولة ثرية بالترانزيت الذي يفترض أن يبدأ بـ 31 مليار متر مكعب و يصل الى 40 مليار متر مكعب
لهذا فإن أردوغان الذي يدرك أن الوصول في البداية الى غاز وسط آسيا مستحيل و قد أشرف بنفسه على زيارة القاهرة لدعوتها للتوقيع على اتفاق نابوكو ، و لم يدرك وقتها ( حسني مبارك ) أنه يوقع على وثيقة إقالته من السلطة.
الصفقة مع أردوغان عبد الله غول و أمريكا
- يقوم اردوغان وغول بتأسيس حزب إسلامي و تساعده واشنطن على الإمساك بزمام السلطة.
- يقبل هذا الحزب بتقسيم مصر الى ثلاث دول , و العراق الى ثلاث دول و سوريا الى أربع دول.
- تتعهد واشنطن بجعل النفوذ على الدول السنية من الدويلات الجديدة لتركيا , و تقبل تركيا بأن يكون النفوذ على باقي الدول لإسرائيل.
- تتعهد واشنطن بأن لا يمر إنبوب الغاز في اليونان كي تضمن تركيا الحصول على كامل قبرص و الدخول في الإتحاد الآوروبي على حساب اليونان.
- مقابل أن تحول الولايات المتحدة تركيا الى عقدة غاز عالمية يقبل أردوغان أن يكون النفوذ على هذه العقدة لواشنطن
بمعنى ان تساعد تركيا الولايات المتحدة في أفغانستان خصوصا والعراق..
و من جهتها و في نفس التوقيت و التزامن تقريبا أقرت روسيا مشروع خطوط الغاز السيل الجنوبي و السيل الشمالي ( تملك روسيا إحتياطي الغاز لتشغيل هذين الخطين )في المقابل أمريكيا طرحت مشروع نابوكو لامداد الغاز الى أوروبا و لكن خط نابوكو يحتاج الى الغاز الإيراني و الغاز الازربيجاني فلا يوجد مصدر غاز لخط نابوكو حتى الآن
سيعوضه الغاز المصري (و الغاز اللبناني الاسرائيلي المكتشف في المتوسط في حال سقوط سوريا) و هذا هو سر العداء الامريكي لإيران سابقا و هو سبب تخفيف الضغط عنها بعد اكتشافات الغاز في المتوسط و الانتقال للضغط على سوريا و ليس اي سبب آخر
في المقابل واشنطن ارتكزت على دولة قطر عبر مشاريع الغاز المسال الذي ينقل بالناقلات و لا يحتاج الى أنابيب للنقل سابقا و لكن الغاز القطري لم يعد كافي لتشغيل خط نابوكو (غير كافي مع بدء تنفيذ السيل الشمالي الروسي و بدء توقيع اتفاقيات السيل الجنوبي الروسي)
و من هنا اصبحت من الضرورة الاسراع بخلخلة الانظمة في اوروبا الشرقية بما سميت الثورات الملونة و من بعدها الشرق اوسطية و التي ظهرت بأسم الربيع العربي ...
لنستعيد ما حدث .. قامت ثورة برتقالية في أوكرانيا و جورجيا لعرقلة مرور الغاز الروسي الى آوروبا فقامت روسيا بسلاح الغاز نفسه ساهمت باسقاط هذه الثورة حيث قطعت موسكو الغاز عن آوروبا إسبوعين , واشنطن أرسلت رسالة بضرورة عدم الإعتماد على الغاز الروسي , وروسيا أرسلت رسالة بأن دول عبور الغاز هامة و بالتالي حتى لو جاء الغاز من مكان ثان فإن ضربه سهل, و نتج من هذه الحرب خروج البرتقاليين ا من السلطة برضى آوروبا.
و الآن أوكرانيا تندب حظها كون السيل الجنوبي لا يمر بأراضيها و تحاول جدياً التقرب من روسيا و في المقابل خف الاهتمام الامريكي بهذا البلد .
و البديل هو خلخلة الانظمة الان في منطقة الشرق الاوسط والبحث عن كلب اليف يصبو للسلطة و بالفعل جاء دور تركيا و نظامها الاسلامي و بالاتفاق مع الاخوان المسلمين و التي كانت مدرجة على قوائم الارهاب العالمية في معظم الدول العربية و من اهم كوادرها يوسف ندا صاحب بنك التقوى الذي تم الافراج عن امواله و غض النظر عن اموال الجماعة التي يتم غسلها الان عبر صناديق الاوف شور و دعم المنظمة العالمية للاخوان و ها هم خارج القوائم الارهابية بل يتم ايصالهم للسلطة في دول الربيع العربي
وكانت سياسة العصا و الجزرة لتركيا التي مارستها واشنطن اسقاط مبارك كمدخل لتسليم الاخوان المسلمين السلطة كي يوحى لتركيا بانها ستسيطر على المنطقة العربية عبر الاخوان المسلمين و للاسف الغباء التركي يصدق بان تركيا سيكون لها دور و ليس اسرائيل ..
محاولة القضاء على حزب الله و على حماس في غزة..
ضرب سوريا و هو ما يحدث حالياً !!
محاولة إعادة هيكلة شمال افريقيا لوقف اي تأثير روسي صيني محتمل في افريقيا
عبر تغير نظام تونس و ضرب ليبيا للسيطرة على نفطها
و قد كان لروسيا مشاريع هامة هناك و نفوذ قوي خسرتها بسقوط القذافي
و كذلك محاصرة الجزائر حليف روسيا في شمال افريقيا.
سوريا العقدة و مفتاح التشغيل