تحميل كتاب " التوسع الفينيقي في غربى البحر المتوسط " للكاتب محمد الصغير غانم
كاتب الموضوع
رسالة
إنانا Admin
عدد المساهمات : 3510 تاريخ التسجيل : 03/10/2011
موضوع: تحميل كتاب " التوسع الفينيقي في غربى البحر المتوسط " للكاتب محمد الصغير غانم الخميس أكتوبر 18, 2012 9:08 am
" التوسع الفينيقي في غربى البحر المتوسط " للكاتب محمد الصغير غانم
يقرر الدكتور «محمد الصغير غانم» مؤلف كتاب «التوسع الفينيقي في البحر الأبيض المتوسط، والصادر عن «دار النمير للنشر والتوزيع في دمشق» وهو باحث جزائري ، أن الأجانب انشغلوا بتاريخنا القديم، وصاروا يضمنونه ماشاؤوا من النظريات والأفكار التي تتطابق مع الواقع، لذلك هو يسعى في هذا الكتاب أن يقوم بواجبه تجاه أمته، فقد بدأ بحثه من فترة نهاية الألف الثاني وبداية الألف الثالث قبل الميلاد، وذلك لأنها تعد مرحلة انتقال حاسمة بالنسبة لتاريخنا القديم، فقد عرف الإنسان العربي في المغرب، الانتقال من عصور ماقبل التاريخ، إلى العصور التالية الباكرة. تتفق الوثائق الكتابية التي تناولت موضوع أصل الفينيقيين وتسميتهم، بأن هؤلاء الأقوام ظهروا في شمال منطقة مايسمى بالهلال الخصيب بداية الألف الثالثة قبل الميلاد ، ثم نزحوا بعد ذلك إلى الساحل السوري. وهناك من المؤرخين المحدثين من يعتبر أن منطقة الشمال الشرقي من سوريا، هي المهد الأول للساميين الشماليين، ويدلل على ذلك بتلك الهجرات الآشورية ثم البابلية التي خرجت لتستقر في بلاد مابين النهرين. لقد سمي البحر الأبيض المتوسط ببحر «أمورو» وضمن الهجرة الأمورية جاءت الأقوام الكنعانية التي توضعت في سوريا الوسطى والساحلية وفلسطين، وكلمة كنعان تعني في اللغة السامية «انخفض» وهي مشتقة من فعل «كنغ» ويقصد بالأرض المنخفضة هنا انخفاض الساحل الفينيقي بالنسبة لجبال لبنان التي هي امتداد طبيعي لجبال طوروس في آسيا الصغرى. أما التسمية المهنية فقد أطلقها «الحوريون» على سكان الساحل السوري من الكنعانيين ، وهي التسمية اليونانية التي تعني هي الأخرى صباغة الأرجوان التي اشتهر بها التجار الفينيقيون في حوالي القرن الثاني عشر قبل الميلاد وبذلك تكون كلمة فينيقي مرادفة للكلمة كنعاني، وقد كان الفينيقيون يسمون أنفسهم بالكنعانيين ، ويدعون بلادهم بأرض كنعان. وقد أشارت رسائل تل العمارنه إلى سكان الساحل الفينيقي باسم كناهي ومن أهم المدن الساحلية التي كان لها دور فعال: أرواد ، جبيل - صيدا - صور، ثم مدن أقل أهمية مثل : عمريت ، طرابلس ، بيروت ، ويشير بعض المؤرخين إلى أن عدد المدن بلغ خمساً وعشرين مدينة موزعة على كامل الساحل. وهناك الكثير من الآراء المتشعبة حول أصل الكتابة الفينيقية ، فبعضهم يردّها إلى أصول هيروغليفية مصرية وآخر يرى أن الفينيقيين اعتمدوا في وضع أبجديتهم الأولى على الكتابة السينائية، التي هي مزيج بين الكتابة الهيروغليفية والكتابة الخطية ، لكن البعض يراها كتابة محلية فينيقية يعود ظهورها إلى الألف الثاني قبل الميلاد ، وقد نوه العالم «ديسو» في كتابه بمجهودات الفينيقيين وسبقهم لكل شعوب العالم في اختراع أول أبجدية من نوعها، تناقلتها فيما بعد كل شعوب العالم. إن العوامل السياسية هي التي دفعت الفينيقيين إلى التوسع في البحر الأبيض المتوسط ، فالصراع السياسي والعسكري الذي كانت تخوضه الدول المجاورة للساحل الفينيقي بقصد الاستيلاء على سورية وهذه الدول هي : الدولة المصرية في وادي النيل ، الامبراطورية الحثية ثم الدولة الآشورية، جعل الفينيقيين ينظرون إلى آفاق بعيدة كما أن العوامل الاقتصادية التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالعوامل السياسية قد فعلت فعلها، ذلك أن كلا العاملين يتأثر بالأوضاع الطبيعية والبشرية التي كانت تحيط بمنطقة الساحل الفينيقي ، فقد أدت قلة مساحة الأراضي الزراعية في الساحل الفينيقي إلى تحويل اتجاه السكان من الاعتماد على الزراعة مثل جيرانهم، إلى الاعتماد على التجارة البحرية والبرية، وقد ساعد الفينيقيين على احتراف التجارة أسباب عديدة من أهمها : 1- مواقع مدنهم القائمة على رؤوس متوغلة داخل البحر، وعلى جزر متقطعة بالقرب من الساحل، وهذا ماوفر لهم وجود مرافىء طبيعية وأحواض تصلح لبناء السفن. 2- توفر الأخشاب التي اشتهرت بها غابات جبال لبنان على مر التاريخ، وقد ساعدهم ذلك على احتراف صناعة الأخشاب وبناء السفن بصفة خاصة. 3- تحكّم الساحل الفينيقي في الطريق الدولي ، الذي يصعد من وادي النيل عبر سيناء، ويربط مناطق ازدهار الحضارات القديمة في شمال سورية وآسيا الصغرى وبلاد الرافدين. 4- العوامل الاجتماعية، حيث لم يعرف الفينيقيون الوحدة السياسية في فترات كثيرة من تاريخهم ، حيث كانوا يتبعون نظام المدينة الدولة، الذي فرضته عليهم عدة عوامل طبيعية وبشرية كانت تحيط بالمنطقة التي استقروا فيها. وقد نتج عن اتباع سياسة المدينة الدولة، أن سادت النزاعات الداخلية بين المدن الفينيقية، وكثر التنافس بين الأمراء على الحكم، ولكن هذا لم يلههم عن بناء دولتهم القوية، وقد كان الهرم الاجتماعي الفينيقي مكوناً من ثلاث طبقات ، في الأولى أول الهرم «الملك » أو ماكان يعرف بحاكم المدينة ، وقد كان يظن في أول الأمر بأن حكام المدن الفينيقية هم من سلالة الآلهة ، ولذلك يجب طاعتهم وتقديرهم، وتمتع بهذه الصفة حكام المدن الفينيقية الأقوياء مثل «الملك حيرام» الذي كان له الحكم المطلق خلال القرن العاشر قبل الميلاد. يلي طبقة الحكام في الترتيب طبقة الكهنة ، وعلى رأسهم كاهن معبد الإله ملقارت في مدينة صور، ثم مجلس الأثرياء الأرستقراطيين، ثم مجلس عامة الشعب الذي كان يلجأ إليه عند نشوب الخلافات السياسية التي تدب بين الطبقات، وذلك بغية تنفيذ مآربها باكتساب أعضاء هذا المجلس إلى جانبها. تقلدت مدينة«صور»زعامة المدن الفينيقية منذ القرن الثاني عشر قبل الميلاد .. فعملت على إنماء الحركة التجارية الفينيقية في شرقي البحر الأبيض المتوسط ، وبذلك أصبح المجال مفتوحاً للفينيقيين بعد سقوط البحرية الإيجية التي كانت تسيطر على تجارة شرقي المتوسط على يد الأقوام الدورية، ومدَّ الفينيقيون سيادتهم إلى جزيرة قبرص ، فأسسوا فيها مدينة كيتون ، وقد وجد مكتوباً على نقود صيدا، بأنها المؤسسة لمدينة «هيبون» في شمال افريقيا، ومدينة«كيتون» في قبرص. ويذكر «هوميروس» في الإلياذة، بأن تجارة الأقمشة والنحاس في هذه الفترة كانت من احتكار صيدا وحدها. ثم حلّ الفينيقيون في «رودس» فأسسوا فيها مراكز فينيقية أثناء رحلة «قدموس» الأسطورية في شرق البحر المتوسط، كما حلّ الفينيقيون في جزر البحر الإيجي مثل جزر «السيكلارد» و«ثيرا»و«ميلوس» كما وصلوا إلى بلاد اليونان الأم، وكانت لهم مراكز متنقلة في كل من «طيبة» و«أثينا» وورد في شعر «هوميروس» بأن المراكب الفينيقية كانت تؤم بلاد اليونان محمّلة بالأطايب الفينيقية. ثم اتجه الفينيقيون نحو غرب البحر الأبيض المتوسط وبلاد المغرب، في محاولة اكتشاف سواحل منطقة الحوض الغربي للمتوسط ، فأسسوا «ليكوس» على السواحل الغربية لبلاد المغرب، في وقت واحد مع تأسيس «قادس» في شبه جزيرة «ايبيريا» وكذلك مدينة «أوتيكا» في الناحية الغربية من خليج تونس الحالي . وقد تحولت هذه المدن فيما بعد إلى مستوطنات ، احتك فيها أهالي البلاد حضارياً بالقادمين الجدد، وتسارعت العملية بعد ازدهار مستوطنة «قرطاج» التي تزعمت كل المستوطنات الفينيقية منذ القرن السادس قبل الميلاد.
الكتاب : التوسع الفينيقي في البحر الأبيض المتوسط المؤلف : د. محمد الصغير غانم الناشر : دار النمير - دمشق الصفحات : 451 من القطع المتوسط.