موضوع: عادات قبائل الطوارق ووأسرار لثامهم ..!! الأحد سبتمبر 30, 2012 2:32 am
درج المؤرخون والرحالة العرب القدامى على تسمية الطوارق بالملثمين
والسبب الأساسي في ذلك هو محافظتهم الشديدة على هذه العادة منذ فجر التاريخ،
حيث يغطي الرجل رأسه بعمامة من القماش الأسود في الغالب ، يلفها حول رأسه بإحكام عدة لفات حتى لا يظهر من وجهه سوى أهداب عينيه بالكاد ، ليرى بهما فقط
وعلى الرجل أكثر من ذلك .. كأن ينام بهذه العمامة ، وألا يضعها عنه في أي وقت من ليل أو نهار ..
وإذا كشفت لمعة واحدة من وجهه، لظروف خارجة عن إرادته ، فتلك الفضيحة التي ما بعدها فضيحة عند الطوارق،
وأكثر من ذلك عليه أن يدخل يده من تحت اللثام إذا كان يأكل ، وأن ينزوي في مكان مستور إذا أراد الوضوء أو التيمم.
وتذهب بعض الروايات القديمة الى ان الطوارق كانوا إذا خاضوا حرباً وسقط أحد الفرسان
ـ لأسباب تتعلق بالمعركة ـ وسقطت عمامته ، وانكشف وجهه أمامهم فإنهم لايعرفونه ، حتى أقرب أصدقائه
لأنهم لم يروا وجهه مطلقاً ، ويكون الحل أن يعيدوا لثامه وعندها يعرفونه تلقائياً.
وتختلف التفسيرات المقدمة لعادة «حجاب الرجال» هذه،
فالطوارق أنفسهم يفسرونها بأسطورة جميلة مفادها أن أكبر قبائلهم ذهب رجالها مرة غزاة يريدون العدو،
فجاء العدو من بعدهم إلى خيامهم ، ولم يكن بالخيام إلا النساء والأطفال ورجل مقعد هرم مسن لكنه حكيم،
فأمر ذلك الحكيم النساء أن يلبسن ملابس الرجال ويتلثمن بالعمائم، إخفاء لأنوثتهن ..
فعلن ذلك ووقفن وجهاً لوجه مع العدو ، وبأيديهن السيوف والفؤوس ، في هذه اللحظة ظهر رجالهن فجأة عائدين لأنهم لم يجدوا العدو،
وهاجموا الأعداء من الخلف ، في حين هاجمته النساء من الأمام ، فانهزم العدو ، وانتصر الطوارق،
ومنذ ذلك اليوم، يوم الملحمة المجيدة ، آل الطوارق على أنفسهم ألا يضعوا اللثام عن رؤوسهم أبداً تخليداً لهذه الذكرى…
ويفسر بعض علماء الانثروبولوجيا لثام الطوارق ببعض الأديان القديمة ويربطونه بالدور المتعاظم الذي تمارسه المرأة في نظام القرابة الطوارقي
الذي ظل إلى عهد قريب مخالفاً لبعض الأحكام الشرعية ، والأطرف أن الرجل يرثه ابن أخته فقط حسب هذا النظام !!
كما أن ثمة تفسيرا ايكولوجيا بيئيا ربما يكون أقرب إلى العلمية ، وهو أن الظروف المناخية القاسية للصحراء الإفريقية الكبرى،
هي السبب الأساسي للثام الطوارق
ذلك أن العواصف الرملية والأتربة تملأ جو الصحراء فترة طويلة من العام ، لذا استلزم الأمر من الطوارق ومن غيرهم من سكان المنطقة أن يتعمموا
اتقاء للغبار والزوابع الرملية كنوع من التكيف مع بيئتهم ، تماماً مثلما تحدثت المختبرات الطبية الفرنسية في السنوات الماضية
عن ظاهرة غريبة اسمتها ظاهرة «دم الطوارق» حيث اكتشفت عندهم هم فقط أجساماً مضادة لمرض الملاريا المتفشي في المنطقة،
وهم أقدم سكانها المعروفين.
ولعل هذا التفسير التكيفي الأخير هو الأكثر وجاهة لمن يعرف أجواء الصحراء الإفريقية الكبرى، تلك الأجواء نفسها التي فرضت على الضباط الفرنسيين في فرق الهجانة الصحراوية،
أن يكونوا هم أيضاً ملثمين حيث أصبح اللثام يأتيهم من مخازن وزارة الدفاع في باريس كجزء من البزة الرسمية الفرنسية المعتمدة .
ولن يفوتنا ان نختم هذه التفسيرات المختلفة لأسباب لثام الطوارق بتفسير طريف يربط اللثام بالحياء قدمه أبو حامد المعروف بالكاتب
حين مدح دولة المرابطين التي كان أمراؤها من الملثمين بقوله:
قوم لهم درك العلا من حِمْيَر . . . وإن انتمُ صنهاجة فهم همُ
لما حووا إحراز كل فضيلة . . . غلب الحياء عليهم فتلثموا
وسبب الطرافة في هذا الربط بين اللثام والحياء، دقته…
فمن الغرائز البشرية المعروفة الميل إلى اخفاء الوجه بين اليدين عند الخجل ،وعادة اللثام مرتبطة بالحياء لدى عرب موريتانيا وجنوب المغرب ايضا،
بل انها تعتبر من الطقوس «المقدسة» التي لا يمكن المساس بها ضمن أعراف العرس،
حيث يسود في هذه المناطق تقليد يقضي بأن يتلثم العريس إلى أقصى حد ممكن بعمامة سوداء خلال أيام العرس،
وكذلك تتغطى العروس طبعاً في ملحفة سوداء ولا يظهر من وجهها طيلة أسبوع العرس حتى لمعة واحدة،
وإن فعل أحد العروسين عكس هذا العرف ، وكشف عن وجهه ، اعتبر في قمة الوقاحة ؟!
وكانت هذه فضيحة تدل على عدم الحياء والاحتشام …!!!!!