كيف يعمل جسم الإنسان
يتمحور جسم الإنسان حول ما يدعى بالأعضاء النبيلة وهي الدماغ والأعصاب بالإضافة إلى القلب.
تدعى الأعضاء النبيلة لأن توقفها عن العمل هو موت مباشر وكل شيء آخر في جسم
الإنسان يمكن الاستغناء عنه لفترة قصيرة أو طويلة ، وهذه هي فلسفة العلاج الإسعافي.
من وجهة النظر هذه فإننا نجد أن الجسم البشري يقوم بالحصول على احتياجاته من الغذاء
والهواء لكي «يطعم » الأعضاء النبيلة ثم يقوم بالتخلص من السموم والفضلات الناتجة.
إذا قارنا الجسم البشري بمعمل صغير للشوكولاتة نجد أن المعمل يحتاج إلى مواد أولية مثل
الكاكاو والسكر والزبدة وورق التغليف والكهرباء ووقود التدفئة.
يقوم المعمل بصنع الشوكولاتة والتي تشبه الأفكار والأعمال التي يقوم بها الجسم البشري.
كما أن المعمل يطرح الفضلات والقمامة التي تتكون من بقايا التصنيع ونفاياته
بالإضافة إلى الدخان الناجم عن حرق وقود التدفئة ، بعض هذه النفايات يطرح
عن طريق حاويات القمامة ويكون عادة بشكل صلب ويطرح بعضها الآخر
الذي يكون بشكل سائل عبر مياه المجارير وبعضها الثالث عبر مدخنة الدخان « نفايات غازية .»
والجسم البشري يشبه تماماً هذا المعمل، فهو يحتاج إلى طعام مكون من سكريات ودسم
وبروتينات ويحتاج إلى مياه وإلى هواء بالإضافة إلى هذا كله يحتاج إلى آلاف المواد الأخرى بكميات
قليلة جداً أحد أشهر هذه المواد هي الفيتامينات والمعادن.
عندما نقوم باستيراد نوع سيء من ورق تغليف الشوكولاتة يصعب تقطيعه مثلاً فإن المعمل
سوف يضطر إلى رمي الكثير من القمامة وقد يصل هذا الموضوع إلى مرحلة عدم وجود مكان
كاف في حاويات القمامة لذا تتراكم القمامة في أماكن أخرى غير الأماكن المخصصة لها مما يؤدي في
المرحلة الأولى إلى عدم ارتياح العمال ولكن مع مرور الوقت يحدث فوضى في العمل وتخريباً
للآلات وفوضى بين العمال.
هذا يشبه تماماً ما يحدث في الجسم البشري بعد مرور عشرة سنوات من النظام الغذائي السيء
حيث تتراكم الفضلات في أماكن مختلفة من الجسم لتسبب آلام من الصعب أن تتصور سببها.
قد يصيب الملل بعض الأشخاص من هذا التشبيه بين جسم الإنسان والمعمل لكنه أمر
ضروري، حيث لا نفضل أن يقوم الإنسان بإتباع نظام غذائي أو تناول مواد دون معرفة ماذا
يعمل وكيف يعمل وفي فقرات هذا الفصل سنتناول كيفية عمل أجهزة الجسم :
الإدخال : ما يحتاجه الجسم!عندما نتكلم عن تأمين حاجات الجسم أول ما يخطر في بالنا الطعام. يعود السبب الأساسي
لهذا الموضوع أننا نرى ونلمس ونتذوق الطعام بشكل كبير كما أننا ندفع ثمنه من جيوبنا ونحس
بقيمته أكثر من غيره.
يليه في سلسلة أفكارنا الماء والسوائل لأننا نحس بها ونراها أيضاً وآخر ما نفكر
به هو الهواء.
ولكن النظام الغذائي الذي سوف ننصح به ينطلق من فكرة أن الهواء أهم بكثير
من الغذاء.
ولكي نثبت ذلك لكل من يشك منكم نتحداكم في أن تمتنعوا عن الهواء ونمتنع عن
الطعام ونرى من سيصمد لفترة أطول. برأيكم من سيربح ؟
1 .1 التنفس :يحصل الجسم البشري على الهواء مجاناً ولا نهتم كثيراً بنوعية الهواء الذي نحصل عليه أو
لماذا. أظن أن الجميع يعرف أننا نحتاج الأكسجين فقط من الهواء لكن ما نعرفه أيضاً وننساه أن
الأكسجين لا يتوفر بكمية متساوية بين الأماكن المختلفة أو عند الأشخاص المختلفين.
إذا تواجد شخص ما في الطبيعة وفي بقعة نظيفة مثل شاطئ البحر، حديقة، غابة، منتجع على سفح الجبل
فإنه يحصل على هواء أكثر بكثير من شخص جالس في غرفة مغلقة الأبواب تحوي شخصاً مدخناً
وموقداً يعمل على وقود التدفئة.
وتستطيعون التأكد من هذا إذا كنتم خارج منزل في الشتاء ودخلتم إلى غرفة
صغيرة يوجد فيها عدة أشخاص جالسون لفترة طويلة فإنكم تحسون بالدفء، ..
لكنكم ستحسون ببعض الاختناق أيضاً.
وتوجد عوامل أخرى تنقص من قدرة الجسم البشري على الاستفادة من الأكسجين الموجود
في الهواء، أحد أهم هذه العوامل هو غاز يدعى أول أكسيد الكربون، ينتج هذا الغاز عن عمليات
الاحتراق الضعيف وغير الكامل مثل الغاز الناجم عن الجمر والسجائر والسيارات. وهذا الغاز
للأسف بدون رائحة وبدون لون، وهو يدعى بالقاتل الصامت.
قد لا يكون هذا القاتل خطيراً لدرجة مميتة دائماً فعدد الأشخاص الذين ماتوا بسببه خلال العشر سنوات الماضية لا يتجاوز
مئات الألوف. ولكن عدد الذين تسمموا به وأصيبوا بحالات من الصداع والدوار والنعاس وحتى
الغثيان والإقياء يتجاوز عددهم عشرات الملايين. ومن حسن الحظ أن الجسم البشري قادر على
احتمال كمية صغيرة منه بدون الموت فوراً. ولكن هذا للمحظوظين فقط.
أما بالنسبة لفروقات التنفس بين الأشخاص، هذا الأمر سهل جداً حيث نجد أن الأطفال
المولودين حديثاً يشبهون بعضهم بشكل كبير لكنهم يبدؤون بالاختلاف في المظهر مع مرور
السنوات. أحد أهم هذه الاختلافات هو شكل وحجم الأنف، فقد تم تصحيح الجسم البشري على
أساس التكيف، والحكمة من أن شخصاً ما لديه أنف كبير هو أن هذا الشخص يحتاج إلى كمية أكبر
من الهواء لكي يتنفس وإلا لما كان هناك داع لأن يكون أنفه كبيراً. كما أن من يقول أن التنفس
يمكن أن يتم من خلال الفم هو أحمق ببساطة، لأن الفم مخصص للكلام وللطعام وهو رطب
جداً واللعاب الموجود به لا يستطيع أن يعالج كمية كبيرة من الهواء ويحمي الجسم من الأوساخ
التي تأتي مع الهواء. لأن الهواء يجفف اللعاب مما يؤدي لزيادة سماكته وتحويله إلى مادة لزجة مزعجة.
ولو كان الفم هو طريق طبيعي للتنفس لما كان هناك أنف عند الإنسان.
عندما يشتكي شخص ما أنه لا يستطيع التنفس من أنفه ويضطر للتنفس من فمه، فإنني أقول
له بكل بساطة أنه مريض وعليه الاهتمام بصحته.
يقوم جهاز التنفس وخاصة في الأنف بالتقاط الأوساخ والجراثيم والدخان والتخلص منها.
ولكن عندما يكون الطعام الذي نتناوله سيئاً والهواء الذي نتنفسه سيئاً فإن الأنف لا يقوم بوظيفته
بشكل جيد وبدل أن تعلق الأوساخ و الجراثيم في المخاط ويتم التخلص منها فإنها تتابع إلى داخل
الجسم مسببة المرض.
2 .2 جهاز الهضم :يتألف جهاز الهضم من قناة طويلة وعدة غدد ملحقة. وبسرعة نقول أن جهاز الهضم
يبدأ بالفم ليصل إلى المعدة ثم الأمعاء التي تنتهي بفتحة الشرج. يدعى القسم الأخير من الأمعاء
بالكولون وهو جزء عريض لتخزين وترتيب طرح الفضلات.
إن وظيفة جهاز الهضم بشكل أساسي هو محاولة الاستفادة قدر الإمكان من الطعام والشراب
المتناولين. حيث يقوم بترطيب الطعام بالفم بواسطة اللعاب و” تحميص “ في المعدة ثم تفتيت
الطعام في الأمعاء بمساعدة الكبد والبنكرياس تقوم الأمعاء بامتصاص المواد الغذائية والسوائل من
الطعام ثم تعليبها بشكل منتظم خارج الجسم.
تم تصميم جسم الإنسان على أساس أنه كائن أعلى من باقي الحيوانات. فقد خلق الإنسان
لكي يأكل اللحم والثمار والجذور. كما أن الإنسان مصمم لكي يشرب الحليب. ولكنه غير
مجهز لتناول الحشائش بأنواعها، فهذا موجود في تصميم الكائنات الأدنى منه، مثل الخروف والبقر.
فعندما يتناول الإنسان أي نوع من الحشائش الخضراء )البقدونس، السبانخ، السلق، ورق العنب...
( فإنه لا يستطيع الاستفادة منها بأي شكل كان فيخرج أغلبها كما دخل كفضلات. ويبدو ذلك
واضحاً عندما يتناول الشخص طعاماً مثل السلق أو الملوخية في لون البراز الأخضر. كما يسبب
تناول هذه الحشائش اضطرابات في الأمعاء وخاصة في الكولون ) الجزء الأخير من الأمعاء ( وغازات
وآلام مزعجة. ويمكن اعتبار تناول شيء مزعج بمثابة أمر غير صحي.
يعتبر بعض الأشخاص أن تناول الحشائش مفيد للصحة فهي تحوي أليافاً لا تهضم وتقوم
بعمل المكنسة في كنس جهاز الهضم. في الحقيقة لا توجد دراسات موثوقة تماماً في هذا المجال، وكل
الدراسات الموجودة تشير إلى احتمال الاستفادة من الألياف في علاج اضطرابات جهاز الهضم. لكن
عند اعتماد نمط غذاء صحي نجد أن الألياف هي خطر كبير على جسم الإنسان، وأن “ كنس “
الأمعاء ما هو إلا تخريش وتجريح لها غير مبرر.
يتناول العديد من الأشخاص أغذية خطيرة بطبيعتها، أخطر هذه الأغذية هي المقالي والموالح
وغير ذلك، تحتوي هذه الأطعمة على زيت مسخن إلى درجة مرتفعة جداً وكميات كبيرة من
الملح. يقوم هذا المزيج الخطير بالترسب على جدار الأمعاء الداخلي بالاشتراك مع المخاط الموجود
في الأمعاء، يساعد في عملية الترسب محاولة الأمعاء الدفاع عن نفسها بإفراز المزيد من المخاط.
هذا الترسب يؤدي إلى تكون طبقة ثخينة من المخاط والزيت المقلي تستطيع الجراثيم العيش فيها.
وتستطيع إفراز السموم المختلفة، لذا يبدأ الإنسان الإحساس بالغازات وتشنجات الأمعاء وحالات
من الإسهال أو الإمساك حسب طبيعة الشخص. ولهذا يقترح البعض استخدام الألياف التي قد تفي
في تغطية المشكلة لفترة قصيرة دون أن تحلها.
عندما يتناول شخص ما الحليب وهو مصاب بسوء عمل الأمعاء للسبب السابق، فإن المخاطيات
تبدأ بالذوبان ويتم غسلها بشكل بطيء مما يؤدي إلى انكشاف سريع لداخل الأمعاء التي كانت
مختبئة ومتورمة وتحاول أن تبتعد قدر الإمكان عن الحياة. في هذه اللحظة يحس المريض بالانزعاج
الشديد الذي يعادل تناول عشرة أضعاف كمية الحشيش المعتادة. عند الاستمرار في تناول
الحليب والبطاطا المسلوقة بدون ملح لمدة ثلاثة أيام متوالية فإن المريض سيحس بتغير مفاجيء
بعمل الجسم لأن الأمعاء قد نظفت بشكل كبير. سنتحدث عن هذا الموضوع بشكل مفصل في
الفصل الثاني.