الخلافات والشكوك في صفوف المعارضة تهدد الانتفاضة السوريةانطاكيا (تركيا) (رويترز)، من اريكا سولومون: يتجمع المقاتل المعارض مصطفى وجماعته المكونة بالكامل من الرجال في مكان على مقهى تركي قرب الحدود السورية وهم يلبسون الجينز الممزق وينفثون دخان سجائرهم في صمت وهم يحدقون في عربة تبيع المثلجات.
ويقع ميدان قتالهم عبر الحدود في سوريا حيث يقاتلون من اجل اسقاط الرئيس السوري بشار الاسد. لكنهم كالعديد من مقاتلي المعارضة في شمال سوريا يحتاجون بشدة للسلاح والمال يبحثون عن مانحين جدد في تركيا.
ويقول مصطفى الذي يبلغ من العمر 25 عاما “عندما يتعلق الامر بالحصول على السلاح تعلم كل جماعة انها يجب ان تعتمد على نفسها… انها معركة من اجل الحصول على الموارد.”
وتقاتل جماعة مصطفى اسميا تحت لواء الجيش السوري الحر لكن الجيش السوري الحر لا يتمتع بالاعتراف الدولي ولا تموله الدول بشكل مباشر مما يجعله مجرد لواء تتجمع تحته جماعات تتنافس بشراسة من اجل الحصول على التمويل الشحيح.
وقد تبلغ شراسة المنافسة حد توجيه سلاحهم الى بعضهم البعض.
وقال مصطفى القادم من محافظة ادلب الشمالية الغربية التي تقع على الحدود مع تركيا وهي احد مراكز الانتفاضة ضد الاسد “كل واحد بحاجة للسلاح. هناك توتر. هناك غضب ونعم يحدث احيانا قتال اذا بدا ان المقاتلين في بلدة ما لم يحصلوا على حصة عادلة من السلاح.”
ويشترك غياب الثقة هذا مع المصالح المتضاربة للاطراف الخارجية في اضفاء المزيد من الانقسام على حركة المعارضة المسلحة.
ويقول مقاتلون معارضون ان العثور على مانح يعني في العادة استخدام الاتصالات الشخصية. ويبحث المقاتلون عن اقارب او اصدقاء مغتربين ليكونوا حلقة وصل مع رجال اعمال او جماعات سورية في الخارج.
لكن بمجرد وصولهم الى افراد مانحين يبدأ المقاتلون التفاوض وغالبا ما يكون المقابل للحصول على السلاح ايديولوجيا.
ويقول كثيرون ان الجماعات الاسلامية التي تتراوح بين السلفيين المتشددين وجماعة الاخوان المسلمين في المنفى تمول فرقا عديدة تشترك معها في افكارها الدينية. وحسب شهادة مقاتلين يوجد لجماعة الاخوان المسلمين ممثلون في انطاكيا مستعدون للقاء المقاتلين الراغبين في المشاركة.
ويحاول سياسيون يساريون وغيرهم من معارضي الاسلاميين مواجهة هذا النفوذ عن طريق تمويل جماعات مسلحة منافسة.
وقال ناشط طلب عدم الكشف عن هويته “هذه الجماعات تشكل ميلشياتها الخاصة وهم يشبهون زعماء الميليشيات. هذا يشق صف الشعب… انهم لا يفكرون في الاستراتيجيات العسكرية انما يفكرون في السياسة.”
ومع ترنح خطة السلام التي تدعمها الامم المتحدة يرجح ان تزيد السعودية وقطر – الخصمان الاقليميان لايران الحليف الرئيسي لسوريا – من دعوتهما لتسليح المعارضة.
وتخشى القوى الغربية التورط عسكريا في مكان جديد في الشرق الاوسط وتقول حتى الان ان تسليح المعارضة لن يكون فكرة جيدة لكنها تقترح دعمها بتقديم مساعدات غير فتاكة.
لكن حتى اذا تغير ذلك فلا يعرف بوضوح كيف ستوجه المساعدات لجماعات المعارضة المتنافسة التي تفوقها تسليحا بكثير قوات الاسد المزودة بالمدافع والدبابات دون اتفاق حتى على استراتيجية عسكرية.
وانفصل عدد من الجماعات رسميا عن الجيش السوري الحر لتكوين جماعات اخرى مثل جيش التحرير السوري والجيش الوطني والحركة البديلة وهي جماعات يصعب تقييم هويتها الحقيقية ومدى نفوذها مع الحظر الذي تفرضه الحكومة السورية على الصحفيين.
وتعهد الجيش السوري الحر باحترام وقف اطلاق النار الهش الذي تدعمه الامم المتحدة والذي دخل حيز التنفيذ في 16 ابريل نيسان اذا التزمت القوات الحكومية به. لكن جيش التحرير السوري يقول انه سيواصل القتال.
وقال هيثم قضيماتي المتحدث باسم جيش التحرير السوري لرويترز ان الجيش لا يقبل وقف اطلاق النار وان هناك تراجعا في العمليات سببه فقط نقص السلاح لا الالتزام بوقف اطلاق النار.
ويقول مقاتلون ان المانحين – الذين يمكن ان يكونوا مجرد واجهة لدول خليجية مثل السعودية وقطر – قدموا ملايين الدولارات للجماعات المعارضة المسلحة التي يفضلونها. ويعتقد كثيرون ان السلفيين والاخوان المسلمين يحصلون على نصيب الاسد من هذه الاموال.
واتهم قائد للمقاتلين يدعى ابو شحام (60 عاما) من مدينة حماة بوسط سوريا الاخوان المسلمين بالانسحاب من ميدان القتال لتبقى قوية في مواجهة الجماعات الاخرى لاحقا.
وتساءل “الاخوان المسلمون يضخون المال للوحدات المقاتلة لكن رجالهم لا يقاتلون مثلنا. وهم في العادة اول من ينسحب. لماذا..
“انهم لا يفكرون في هذه المرحلة من المعركة. انهم مهتمون بما يأتي لاحقا. يريدون ان يدخروا انفسهم للصراع بعد سقوط الاسد ليخرجوا اكثر قوة.”
وقال المحلل جوزيف هوليداي من معهد دراسات الحرب في الولايات المتحدة ان القوى الاجنبية اذا لم تشارك مع المعارضة السورية المسلحة بشكل منظم فمن الممكن ان تؤدي الصراعات بين الجماعات المعارضة الى فوضى.وقال “اذا لم نعترف بالمعارضة المسلحة فأي شخص يمكنه ان يفتح محلا في تركيا ليبدأ في تمويل الجماعات المتعارضة… لن نعرف من يسلح من واخشى ان تكون الفرصة قد فاتت عندما يقرر الغرب التدخل.”
ويخشى بعض المعارضين المسلحين من ان يقوم الاصوليون الاسلاميون باشعال التوتر بين الاغلبية السنية التي تقود الانتفاضة والاقليات العلوية والشيعية والمسيحية.وقال احد مقاتلي المعارضة بعد ان طلب عدم الكشف عن هويته “هناك كثير من الجهاديين الذين يريدون المجئ من الخارج وهذه حقيقة… عندها لن يكون الحديث عن قتال سوريا من اجل الحرية وانما عن حرب طائفية.”
ويقول قضيماتي ان المشكلة هي ان نظام الاسد استغرق 40 عاما في بناء عدم الثقة بين السوريين وان هدم الوحدة جزء من استراتيجية النظام.
ويقول بعض من مقاتلي الجيش السوري الحر انهم يتفادون كبار ضباط الجيش الحر خوفا من ان تكون صفوفهم مخترقة.
وادى هذا المناخ المتشكك الى اجواء يكثر فيها القتل بدافع الحذر.
وقال ابو شحام “هناك الكثير من الجماعات التي تعمل وحدها ميدانيا وليست كلها من الطيبين… بعضهم لصوص ومجرمون يستغلون الاضطرابات. لذا فنحن نطاردهم ونقتلهم. ليست لدينا مشكلة في اطلاق النار على هؤلاء الناس.”
وانتقد امجد الحميد الذي يقود وحدة مقاتلة معارضة في محافظة حمص تزعم انها تتلقى تمويلا من الحركة البديلة الشهر الماضي قادة عدة جماعات اخرى.
وقال امام حشد في تصوير بالفيديو نشر على يوتيوب بتاريخ 17 مارس اذار ان هناك مسلحين بين المدنيين يمثلون عبئا على الثورة. ووصف هؤلاء بأنهم لصوص وانه من غير المسموح لاحد ان يغتصب النساء والا لما كان هناك فارق بينه وبين قوات الاسد.
وفي اليوم التالي قتل الحميد برصاص مجهولين.
ولم تلق جماعة الحميد باللائمة على القوات الحكومية وانما اتهمت جماعات معارضة اخرى بقتله وتوعدت بالانتقام منها.
ويتبنى بعض مقاتلي المعارضة شعار الجيش السوري الحر فقط من اجل الحصول على فرصة تمويل افضل.
وقال محمود المقاتل من محافظة ادلب “شعرنا اننا مضطرون للتحالف مع الجيش السوري الحر لانه الاكثر شهرة. واذا تم الاعتراف به فسوف نحصل على دعم اجنبي.”
وفي مخيم للاجئين في تركيا يجلس محمود ورفاقه المتأهبون امام رجل سوري في المنفى يعرض عليهم الكمبيوتر المحمول الخاص به ويتحدث معهم عن الاستراتيجية العسكرية.
ورفض الرجل الحديث عمن ارسله او المقابل الذي يريده. لكنه المح الى وجود اسلحة في العرض الذي يقدمه مازحا وهو يقول “جئت لمساعدة الشباب في شراء فاكهتهم.”