ornina رئيس الأقسام العامة وقسم الصور
عدد المساهمات : 546 تاريخ التسجيل : 22/10/2011
| موضوع: العصبية... سلوك مكتسب يمكن التخلص منه الخميس مارس 08, 2012 11:11 pm | |
| العصبية... سلوك مكتسب يمكن التخلص منه
ضغوط الحياة المختلفة تخرج الانسان أحيانا عن طوره، لكن قد يزيد الانفعال في مواقف ما عن الحد المقبول ويتحول إلى شرارة تحرق الكثير من العلاقات الانسانية، فكيف نعرف متى نسيطر على عصبيتنا؟ وكيف؟
تختلف المواقف التي نقابلها في حياتنا اليومية، سواء في مجال العمل أو في الشارع، وحتى وسط الأهل والأصدقاء، فقد نقابل مواقف نسعد بها ومواقف أخرى قد تثير غضبنا وعصبيتنا، كالانتظار لوقت طويل أو عدم احترام أحدهم لنا في أسلوب الكلام، أو تأخره عن موعده معنا من دون تقديم أي اعتذار. وتختلف طريقة كل منا في التعبير عن مشاعره تجاه تلك المواقف ، فهناك من يترك مكان الحدث الذي يستفزه ويختلي بنفسه بكل هدوء، فهنا يوصف بأنه شخص هادئ ، وهناك من يبدأ صوته بالعلو تدريجيا ليصيح ويسب بألفاظ بذيئة ، فيوصف بالعصبي...
فالعصبية أو الانفعال ما هما إلا حالة يخرج فيها الإنسان طاقته المكنونة داخله للتعبير عن انزعاجه من موقف معين.. فهل أنت شخص عصبي؟ وما الذي يثير انفعالك؟ وما رد فعلك تجاه تلك المواقف التي تستفزك؟
تلجأ ريم عفانة في عصبيتها إلى التفوه ببعض الألفاظ القاسية، من دون استخدام البذيئة منها، في مواجهة خصومها أو من أغضبها، وتضيف: - أعاني من العصبية الشديدة التي تفقدني صوابي وصبري في بعض الأحيان، ما يجعل البعض يغضب مني في كثير من الأوقات، أما من يعرفني جيدا فيعرف أنها لحظة شيطان «وولّت». وتزداد عصبيتي بتزايد ضغوط الحياة اليومية من العمل والبيت والأولاد. وغالبا ما أحاول ترك عصبيتي على باب المنزل قبل دخوله، لأضع حاجزا بيني وبينها، فقد قرأت مقولة تفيد بأنه حين نخرج من نزاع علينا أن نغلق الأبواب بهدوء، لأننا إن أغلقناها بقوة، فهذا يدل على انهزامنا أمام الطرف الآخر. وجدت تلك المقولة مفيدة معي، ولكن ليس دائما، لأن عصبيتي تحاول السيطرة عليّ بشكل أكبر. وليدة اللحظة «تكرر حدوث موقف ما بعد أن نبهت أحد الأشخاص أكثر من مرة بعد تكراره يغضبني كثيرا، أيضا عدم الالتزام بقانون المرور في الشارع يوصلني إلى قمة العصبية}، هذا ما قالته فادية المبارك وأكملت: - أنا لا أعتبر من الفئة العصبية بشكل مبالغ فيه، لأن انفعالي في أغلب الأحيان يكون وليد لحظة ضغط نفسي وينتهي على الفور، لكن تلك المواقف تجعلني أصرخ بانفعال وبصوت عال. وهذا رد فعلي الفوري، أما عندما لا أستطيع أن أعبر عن غضبي، فألجأ إلى تناول أي شيء من الطعام ليبعدني عن توتري وانفعالي.
وعن تعاملها مع الشخصية العصبية تقول: - أتعامل معها بحذر شديد، وأحاول أن أبحث لها عما قد يسعدها وينسيها غضبها إلى حد ما، لتجنب ما قد يلي لحظة الانفعال. دخان من عيوني
وعند سؤالنا لباسم درويش عن عصبيته، أجاب: - نعم أنا شخص عصبي، وأنفعل للأشياء التي أراها تستحق إثارة غضبي. مثلا أكره الإلحاح والسؤال عن الشيء ذاته عدة مرات، فالطلب الكثير يخرجني عن شعوري ولا أستطيع التحكم في نفسي، إضافة إلى قلة الأدب وعدم احترام البعض لمن يكبره سنا في أسلوب الكلام، والتعامل بطريقة مسيئة مع الغير، وكذلك الإهمال واللامبالاة، اللذان يدلان على شخصية غير مسؤولة وغير جديرة بالاحترام والتقدير. فعند اضطراري مثلا للتعامل مع شخصية غير مسؤولة في أمور مهمة أو مصيرية، وأجد رد فعله بمنتهى اللامبالاة، استفز إلى حد كبير، وأفقد أعصابي، ويبدأ صوتي في الارتفاع بشكل يخيف من يقف أمامي. وقد يشعر مَن أمامي م.ن شدة انفعالي بأن الدخان «يطلع» من عيوني، فلا أفرّق في من أوجه إليه انفعالاتي إن كان شخصا قريبا يجب أن أراعي مشاعره حتى لا أخسره، أو شخصا بعيدا لا أعرف ردة فعله على انفعالي، وما قد يكونه من رأي حول شخصيتي. إلاّ الانتظار «غير راض عن عصبيتي»، هذا ما قاله سعود المطيري، وأكمل: عصبيتي زائدة عن الحد وتسبب لي العمى أحيانا، فأنا أكره الانتظار بجميع أشكاله، سواء في الروتين الحكومي، أو أن يعطيني صديق موعدا محددا ويتأخر، وعندما اتصل به يقول «5 دقائق وأصبح أمامك»، وتزيد المدة لتصل إلى 30 دقيقة مثلا! عصبيتي أفقدتني أشخاصا عزيزين على قلبي، ما جعلني أجاهد نفسي في محاولة للسيطرة على أعصابي، فأكتم غيظي بيني وبين نفسي، ولا أخرجه للناس، إذا لم يستدع الأمر إظهار ردة الفعل، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالبعض يفسّر الهدوء على أنه سلبية. أما إذا كان الموقف بسيطا، فقد أنسحب من مكان المناقشة بهدوء حتى لا «أزيد الطين بلة» بكلامي الجارح الذي أتفوه به أحيانا عند خروجي عن شعوري.
وعن تعامله مع الشخص العصبي يقول المطيري: الابتسامة أو الصمت، ليهدأ الطرف الآخر، ولكني ألتزم الصمت أكثر، لأن بعض الأشخاص يثيرهم رد الفعل بالابتسامة، فيزيد من انفعالهم ولا يتقبلونه. كلام كثير ناصر العثمان أكد أن طبيعته تميل إلى الهدوء بشكل كبير، ولا يلجأ إلى الغضب أو العصبية إلا نادرا: عندما تنفعل لدى حدوث مشادة أو اختلاف في وجهات النظر، قد تخرج منك بعض الألفاظ البذيئة التي تترك جروحا في أنفس الغير، لا تستطيع مداواتها، وحينها لا يهم عدد مرات التأسف التي تفوهت بها، لأن الجرح يظل موجودا داخل الأنفس، فجرح اللسان أقوى من جرح الأبدان. ولا يثير استفزازي إلا أن يرتكب شخص له معزة خاصة أخطاء في حقي عدة مرات، فأنفعل بالكلام على غير عادتي الهادئة، لكني أستخدم ألفاظا مهذبة لتجنب جرح أحدهم.
شخصية معتدلة ويقول نجيب القحطاني: لكل منا منطقه الذي من خلاله يتعامل مع الآخرين، فالبعض منا يميل لأسلوب الهدوء للتعبير عن مشاعره، ويناقش الموضوع في محاولة للوصول إلى نقطة تفاهم بين الطرفين، وهناك من يلجأ إلى الأسلوب الانفعالي في مواجهة الأمور.
وعن طبيعة تكوين شخصية القحطاني يقول: أنا شخص معتدل، لست عصبي المزاج ولا هادئ الطبع، لا أخرج عن طوري إلا في بعض الأحيان لأننا بشر نخرج عن شعورنا في كثير من المواقف، كأن يخلف شخص موعده ولا يعتذر، فأتضايق من تصرفه لأنه لا يفسّر إلا على أنه استخفاف بي، فأتخذ موقفا منه ولا أواعده مرة أخرى. أما عن مواقف المواجهة بيني وبين أي طرف آخر، فإنّ الانفعال بالكلام هو رد الفعل الطبيعي، ثم أذهب للجلوس بمفردي في مكان ما حتى أرتاح وأستقر نفسيا كي لا تقع عيني على خطأ آخر وأتعصب مرة أخرى، وأعد من 1 الى 10 أو اذكر الله سبحان وتعالى واستغفره مع التعوذ من الشيطان الرجيم ست مرات. عصبيتي كبريت ويشبه عوّاد الفرحان عصبيته الزائدة بأنها كبريت مشتعل: أكره الشخص المنافق الكاذب «الليّ مايختشيش» وما أكثرهم في أيامنا الحالية، فنقابل يوميا «المصلحجي» الذي يتقن تمثيل دور الصداقة إلى أن تقضى حاجته. وهنا تكون قمة غضبي، ويرتفع صوتي لأقصاه بالصياح والخروج عن المقبول في أسلوب النقاش، لدرجة أني «اطيح بحظه» ليندم أشد الندم على فعلته. وكذلك يكون رد فعلي على من يتجاهلني، كأن أتصل مثلا بالشخص مرة ومرتين، ولا يرد ولا يعاود الاتصال، فمن وجهة نظري هذه قلة أدب، ولا يصح مع مثل هذا الشخص إلا الصوت العالي والكلام الجارح، الذي يجعله يتلقن درسا يجعله يرجع عن أفعاله هذه غير المهذبة.
كيف تتحول إلى شخص هادئ ؟ صحيح اننا لا نستطيع التحكم بالأوضاع التي تسبب التوتر، لكن يمكننا أن نسيطر على ادراكنا لها، وذلك بخداعنا لدماغنا بحيث يسيطر على ردود الفعل ضد التوتر بفعالية، من خلال قطع سلسلة ردود الفعل الطبيعية:
1 - التنفس السليم السير شبه متوقف على الطريق بسبب اعمال الصيانة، ويجب ان يكون ابنك في المدرسة بعد عشر دقائق، لكنك تدرك أن وصوله إليها قد يستغرق أكثر من ذلك بكثير. على الاغلب أنك في هذا الموقف تأخذ نفسا سريعا من صدرك، بينما يجب ان تتنفس من بطنك بشكل عميق، الامر الذي سيساعد على امتصاص كميات كبيرةَ من الهواء إلى رئتيك. ولإنجاز هذا، اخرج الهواء من معدتك عند الزفير، فيكتشف دماغك الأوكسجين الزائد ويقلل تدفق كمية هرمونات التوتر. كما يعمل الأوكسجين على ارسال موجات دماغية هادئةَ أطول، أي من النوع الذي يرتبط بعملية الاسترخاء. لذلك كلما كنت بحاجة الى الاسترخاء، خذ نفسا عميقا وافرغ الهواء من بطنك عند الزفير، كرر العملية من 3 الى 5 مرات للتخلص من هرمونات التوتر.
2 - اضحك اظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يضحكون وهم يشاهدون فيلما كوميديا تقل لديهم نسبة هرمونات التوتر، بينما عندما يكون الشخص واقعا تحت ضغوطات، فهو يدور في دوامة من الأفكار المزعجة جداً من دون أن يجد مخرجا. فدخول الافكار المضحكة الى الدماغ، يسمح باستعادة السيطرة العقلية.
3 - أضف طابعاً شخصياً كل شخص يعرف ما يريحه وما يسبب توتره، استعمل هذه المعلومات لتجلب الراحة والاسترخاء الى نفسك، استعمل طابعك الشخصي الخاص بك، وستجد بانه فعال ويقلل من هرمونات التوتر. مثلا، بعض الاشخاص يشعرون بالراحة عند المشي، أو القيام بتمارين اليوغا، أو تناول نوع من الفواكه، أو العد إلى العشرة بأكثر من لغة. كن مبتكرا، وتعلم كيف تتخلص من التوتر بأسرع، وأسهل الطرق.
رأي علم النفس قد تكون عَرَضة لمرض
ويقول د. عادل الزايد استشاري أمراض نفسية: ــــ من الممكن تقسيم العصبية إلى قسمين رئيسيين وهما: العصبية الطبيعية والعصبية غير الطبيعية. ونقصد بالعصبية الطبيعية ردة الفعل التفاعلية التي تأتي نتيجة حدث معين، وتكون ردود الفعل تحت سيطرة الشخص نفسه، ويكون بكامل إدراكه ومسؤولا مسؤولية كاملة عن كل تصرف يقوم به. أما العصبية غير الطبيعية فهي التي تخرج فيها سلوكيات الشخص عن سيطرته وإدراكه، وتبقى المسؤولية عن السلوك في هذا النوع من العصبية محل نقاش وتقدير، ولكن من المهم جداً الإشارة هنا الى أن كلا النوعين من العصبية يبدأ بكامل وعي وإرادة الشخص ذاته، لكن يحدث التمادي في السلوك يتبعه الخروج عن نطاق القدرة على السيطرة والإدراك.
ويشير د.الزايد قائلا: ــــ العصبية والانفعال هما نوعان من أنواع السلوك، والسلوك مكتسب وليس موروثا، والفرق بين المكتسب والموروث انه بالامكان التخلص من الشيء المكتسب بمجهود فردي، لكن الموروث يحتاج لتدخلات خارجية للتخلص منه، وبالتالي كون العصبية أمرا مكتسبا فلا يمكن إعطاء صاحبها العذر في عدم محاولة التخلص منها. يبقى أن نشير الى أن هناك نوعا من الانفعال العصبي يأتي كعرض لمرض آخر مثل الأمراض الذهانية كمرض الفصام ومرض اضطراب الهوس الوجداني بل حتى مرض الاكتئاب وأمراض القلق. وهنا لا يمكن التعامل مع الانفعال العصبي كحدث منفصل، بل لابد من علاج المرض الرئيسي كي تزول العصبية، لأنها هنا كما ذكرنا عرض لمرض، ولا يزول العرض من دون زوال المرض.
القبس. | |
|