ويكشف المناوي ان الرجل الغامض الذي
كان يقف وراء سليمان، واعتقد الجميع انه من صناع السياسة لم يكن إلا مساعده
ودخل الى الصورة بالخطأ، معلقا ان حظ الرجل كان سيئا فقد كان في المكان والوقت الخطأ
حاشية مبارك.. والفرصة الأخيرة
ويصف الكاتب كيف اصيبت حاشية مبارك
بالشلل التام، وظل خلال فترة تصاعد الازمة يتلقى اوامر متناقضة من كل
الاطراف وكلهم كانوا يطالبون ببث بيانات لا صلة لها بحالة الحكومة التي
كانت تتداعى ولا صلة لها بالوضع في ميدان التحرير.
ويتحدث المناوي عن الوضع الساخر داخل
القيادة المصرية في حينه، حيث ايقن ان مبارك لم يعد امامه اي فرصة للبقاء
في السلطة، ومن هنا اقنع احد قادة الاستخبارات الكبار كي يتحدث مع وزير
إعلام مبارك القوي "انس الفقي"، الذي كان يعامله مبارك كإبنه الثالث، وينقل
لمبارك وعائلته صورة عن الوضع في الشارع.
العائلة الرئاسية.. تنتظر معجزة إلهية
عائلة مبارك كانت تنتظر معجزة؛ هكذا
قال مسؤول أمني للمناوي في مكالمة هاتفية؛ حيث قال المسؤول الامني " ان كان
الله ذكر مصر خمس مرات في القرآن ولم يذكر مكة الا مرتين، وعليه فان الله
قادر على حمايتها" ويعلق المناوي "رجل كهذا وفي قمة القيادة يخبرني انهم
ينتظرون معجزة فيما لم يكن الوقت بالتأكيد وقت معجزات".
بعدها ذهب المناوي إلى الفقي وشرح له
الوضع الحرج، واكد على ظهور مبارك في ذلك اليوم في التلفزيون وبدأ باعداد
الخطاب الذي يجب على الرئيس ان يلقيه، استمع الفقي لكلامه واخذ بعض
الملاحظات واتصل بجمال شارحا له الوضع، وأصر المناوي على أن يلقي مبارك
خطابه في الساعة الرابعة من ذلك اليوم. ولكن تلقيه امرا من الجيش "البيان
رقم واحد" كان إشارة الى ان الجيش بدأ يمارس ضغوطا على مبارك.
الخطاب الأخير.. القشة التي قصمت ظهر البعير
ويصف أخر خطاب لمبارك وهو الذي انتظره
الشعب بأنه اسوأ خطاب وتميز بالغطرسة "كان كارثة"، مشيرا الى ان جمال ربما
قام بتعديل الخطاب وشطب كل ما له علاقة باستقالة والده، في مقامرة أخيرة
للوريث المحتمل. ويبدو ان جمال قام بتعديل خطاب والده وشطب كل الإشارات عن
استقالته، حيث كانت هذه المقامرة أخر تدخل "فج" لجمال ومشروع توريثه
السلطة.
ومع تزايد التظاهرات بعد الخطاب، طلب
الجيش من المناوي ان يعمم خبرا عن التحضير لذهاب مبارك الى شرم الشيخ.
ويشير الى ان سليمان سأل مبارك قبل ان يركب المروحية إن كان يريد الخروج من
البلاد، فرد مبارك "لا، لم ارتكب خطأ اريد ان اعيش في هذا البلد وسأظل فيه
بقية حياتي".
وعندما وصل مبارك الى شرم الشيخ اتصل
بطنطاوي واخبره انه الان في موقع القيادة. في القاهرة يقول المناوي انه بعد
ترقب وصل الناطق الرسمي باسم الجيش ومعه خطاب الاستقالة. ويصف الجو
العاطفي في المبنى وكيف ان العاملين كانوا يبكون خائفين وفرحين، فقد زال عن
ظهورهم حمل ثقيل، وبخطاب لم يتجاوز 37 دقيقة انتهى كل شيء ومعه عهد مبارك.
مبارك بعد التنحي يتابع "كرة القدم"
فيما ذكرت مصادر لصحيفة "التايمز" ان
مبارك عندما وصل للمستشفى المجهز بأحدث الاجهزة اصيب بحالة من الاكتئاب،
وظل يتجنب الاخبار ويتابع مباريات القدم، عوضا عن ذلك، وكان ضعيفا وفي
مرحلة معينة عانى من ازمة قلبية خفيفة.
حالة مبارك الصحية كانت ضعيفة في
الاصل، حيث كان يتعافى من عملية ازالة ورم من امعائه، ورفض مبارك تناول
الطعام، وظل في غرفته الصغيرة. وفي احدى المرات دخلت عليه واحدة من زوجتي
ابنيه ووجدته مغمى عليه والدموع تملأ عينيه، وعندما احضروا الطبيب تحدث معه
لنصف ساعة وذكره بتاريخه العسكري المجيد، وتدريجيا استجاب المريض، حيث اكد
انه اول رئيس مصري قبل ان يتنازل عن السلطة. وقال "طلبوا مني التنحي
فتنحيت".
في النهاية..
لن تتوقف الأسرار والحكايات.. عن
مغادرة مبارك للقصر، وعن كواليس الثورة التي لم تُعرف كلها حتى الآن،
فالجميع في انتظار كتابات لشخصيات بعينها عاشت الحدث بتفاصيله، منهم من
يقبع في سجن طرة الآن، ومنهم من هو خارج طرة، ولكنه يخشى التحدث.