توقع المراقبون أن تطلق الفن وتتفرغ للسياسية بعد تألقها في الانتخابات ونجاحها في العمل الحزبي لكنها قلبت القاعدة وفضلت الفن على السياسية رغم حظوظها الوافرة في الفوز في الانتخابات القادمة، إنها الفنانة الموريتانية المعلومة بنت الميداح “مطربة المعارضة” التي أطربت بأغانيها الشعبية الموالين قبل المعارضين وكسرت الطوق المفروض على الفنانين في موريتانيا والذي وقف حاجزا دون مشاركتهم في المناصب السياسية، وكسبت احترام الجميع بعد أن أسست هيئة خيرية وكانت تفاجأ جمهورها في كل مرحلة بقرار شجاع وخطوة متفردة، وهذه المرة كان قرار اعتزال السياسة رغم المكاسب التي قد تحققها.
فقد أعلنت عضو مجلس الشيوخ عن حزب تكتل القوى الديمقراطية الفنانة المعلومة بنت الميداح اعتزالها العمل السياسي، وقررت أن تنحاز إلى الفن، وتركز جهودها في العمل الثقافي والخيري والإنساني.
وكشفت في مؤتمر صحفي نظمته لإعلان قرارها أن اعتزالها جاء عن قناعة شخصية دون التنسيق مع أي كان نافية تدخل السلطات في قرارها وتأثير لقائها الأخير بالرئيس محمد ولد عبد العزيز على اعتزالها وقالت “لا دخل للقائي الأخير برئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز… فقد اقتصر اللقاء على الجانب الثقافي فقط”، وأضافت أنه بعد اعتزالها للسياسة ستتفرغ للعمل الثقافي والخيري حيث ستركز جهودها في هذا الإطار من خلال مؤسستها الثقافية والخيرية “معلومة”.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وأكد مقربون من الفنانة أن لا علاقة لقرار اعتزالها للسياسة بأي خلاف مع حزبها وإنما الأمر يعود إلى أن عملها الفني يتطلب منها التفرغ التام، وأعربت المعلومة عن اعتزازها بتجربتها السياسية في حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي تنسحب منه بعد علاقة دامت لأكثر من عشرين عاما. وتحدثت المعلومة عن فترة نضالها في صفوف المعارضة ورحلتها مع المعارض احمد ولد داداه زعيم حزب تكتل القوى الديمقراطية ووصفت رفقتها له بأنها “تاج رأسها ووسام صدرها”، وأضافت انها وجدت في برنامجه السياسي ما ينسجم مع تطلعاتها لتحقيق الحلم الكبير، فساندته بأغاني مثل “حبيب الشعب” التي كانت “بداية لمجموعة من الأعمال الفنية الحماسية التي توجه الشعب وتدعوه للنضال من أجل مستقبل أفضل لهذا الوطن”.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] مطربة المعارضة وتعد المطربة معلومة بنت الميداح الفنانة المعارضة الوحيدة في موريتانيا فقد اشتهرت بنضالها ومؤازرتها السياسية والفنية لزعيم المعارضة أحمد ولد داداه، وعارضت بشدة حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع ودفعت ثمن معارضتها بحصار اعلامي ورسمي استمر طيلة 14 عاما ولم تظهر في التلفزة الرسمية الا مؤخرا حين رفع عن أغانيها غير السياسية الحظر الاعلامي.
وتحملت المعلومة نتائج موقفها السياسي ولم ينل الحصار الاعلامي من عزيمتها حيث رابطت في خندق الرفض والمعارضة لمدة تقارب 20 عاما، ودفعت الثمن غاليا حيث عاشت حياة بسيطة مقارنة بفنانات موريتانيا اللاتي يعلن دعمهن للنظام، ولم يخفت صوتها رغم حظر حزبها عام 2000 واعتقال اعضاءها في عهد الرئيس ولد الطايع. ومن أبرز أغانيها السياسية أغنية “معارضون” و”حبيب الشعب” و”لانتخاب 6/6 رافضين” و”أيام الزمن تجري”، اضافة الى الكثير من الأغاني والشعارات التي ارتبطت بالمعارضة الموريتانية في الانتخابات وحملات المرشحين، وقد ساعدتها هذه الأغاني الحماسية اضافة الى الأعمال الفنية الملتزمة في اقتحام ميدان السياسة، حيث فازت بعضوية مجلس الشيوخ عام 2007، لتصبح اول فنانة عضو في البرلمان. تطوير الفن الموريتاني أسست المعلومة قبل عام هيئة غير حكومية تعنى بالفن والعمل الانساني وصيانة وحفظ التراث الموسيقي، واكتسبت شهرة واسعة في افريقيا واوربا مقارنة بجميع فناني موريتانيا، وتم تكريمها في عدة محافل كان آخرها في يونيو الماضي حين حصلت على وسام فارس في نظام الاستحقاق الفرنسي “تقديرا لإسهاماتها في تطوير الموسيقى الموريتانية والعالمية”. تملك صوتا شجيا وموهبة فطرة في التلحين وكتابة الكلمات والعزف على الآلات الموسيقية، واستطاعت خلال مسيرتها تطوير الفن الموريتاني وإدخال آلات حديثة للموسيقى الموريتانية مع الحفاظ على الموروث الموسيقى التقليدي. وساهم التغيير الذي أحدثته على الأغنية الموريتانية في إخراج هذه الأخيرة من طابعها التقليدي لتأخذ شكلا ومضمونا مختلفين، وعملت جاهدة على الانفراد بلون غنائي خاص فأخذت مبادرة تحديث الأغنية الموريتانية ووظفت القديم من إيقاعاتها وكلماتها، ومن اشهر البوماتها “دنيا” و”نور”. كانت تطالب الموريتانيين دوما وخاصة الموالين بأن يتجاوزوا موقفها السياسي وان يتعاملوا معها كفنانة لها وزنها في الساحة الفنية الموريتانية، “أما موقفي من المعارضة فلن يتغير، ما زلت مقتنعة بأفكار وآراء أظنها حقا من حقوقي”.
معلوما مطربة موريتانية تتفرغ للفن بعد حياة سياسية حافلة بالنجاحات ..